شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
السلف الصالح بين العلم والإيمان
8928 مشاهدة
المراد بالسلف

البحث الأول: يتعلق بالسلف من هم؟
كثيرًا ما نسمع: قال السلف، وهذا منهج السلف، وعند بعض السلف. اصطلح العلماء على أن السلف هم أهل القرون المفضلة أهل القرون الثلاثة المفضلة يسمون السلف في الاصطلاح، ومن بعدهم يسمون الخَلَف إذا كانوا على الإسلام، أما المغيرون والمنحرفون فيقال لهم: خَلْف؛ يعني: خَالِفٌ بسوء، فالخَلَف معهم إيمان ولكن هم أنقص من السلف، والخَلْف: خَلْفُ سوءٍ كما في قول الله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ .
فالخَلْف: هو الذي يأتي مخالفا لمن قبله مخالفة كاملة. ونحن إنما موضوعنا عن السلف؛ وذلك لأن الخَلَف والخَلْف يحتاج إلى موضوع آخر.
السلف: هم أهل القرون المفضلة؛ يعني: الصحابة والتابعون وتابعو التابعين.
الصحابة: هم الذين رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وآمنوا به، وماتوا على الإيمان (ذكورًا وإناثًا). وقد حازوا قصب السبق؛ وذلك لأنهم فازوا وسبقوا غيرهم بالصحبة بحيازتهم كونهم صحبوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخذوا عنه, وسمعوا منه, ولا شك في مزيتهم هذه وفي فضلهم.
بعدهم تلامذتهم الذين هم التابعون، التابعي: هو من رأى أحدًا من الصحابة، وعقل رؤيته؛ ولو من أصاغر الصحابة يعطى اسم تابعي؛ وذلك اصطلاحًا؛ لأنه تابع لمن قبله.
وتابعو التابعين: هم الذين رأوا أو أدركوا أحدا من التابعين، رأوا التابعين ولو من المتأخرين.
قد ذكروا أن الصحابة انقرضوا في القرن الأول قيل: إن آخرهم أنس بن مالك الذي مات سنة ثلاث وتسعين. وقيل: إن منهم من أدرك المائة كالطفيل .
أما التابعون فاستمروا؛ يعني: بقوا وعُمر بعضهم إلى أواخر القرن الثاني؛ ولكنهم يتفاوتون، فمن أكابرهم من أهل المدينة الفقهاء السبعة الذين أدركوا أكابر الصحابة كسعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود والقاسم بن محمد بن أبي بكر ونحوهم من أولاد الصحابة الذين أخذوا عن كبار الصحابة وأدركوا الخلفاء أو بعضهم، ومن أصاغر التابعين من رأى بعضهم حيث ذكروا أن الأعمش أدرك أو رأى أنس بن مالك فكُتب له رؤية فأصبح من التابعين.
أما تابعو التابعين: فهم الذين ما أثر أنهم رأوا أحدًا من الصحابة، ومنهم بعض كبار الأئمة كمالك بن أنس وأبي عبد الرحمن الأوزاعي ومن في طبقتهما هؤلاء من أكابر تابعي التابعين، وفيهم أيضًا من العلماء ومن الأكابر حملة العلم من أثر عنهم شيء عظيم فهؤلاء هم السلف، تابعو التابعين مضوا أو بقوا إلى قرب القرن الثالث أو أواسطه، بعدهم أتباعهم الذين ما أدركوا أحدا من التابعين، أتباع تابعي التابعين ومنهم الأئمة؛ يعني: كالبخاري ومسلم والشافعي وأحمد ونحوهم هؤلاء من أكابر أتباع تابعي التابعين.
نقول: إن أهل القرون الثلاثة هم ومن في طبقتهم هم السلف؛ وذلك لأنهم مضوا قبل مَنْ بعدهم، سلفوا يعني: مضوا، السلف معناه: المضي، سلف الشيء معناه: مضى وانقضى وانقرض. هذا سبب تسميتهم بالسلف، أنهم سلفوا؛ ولكنهم سلفوا على الاستقامة، سلفوا على العقيدة السليمة، مضوا على عقيدة مستقيمة، ليس فيهم من هو منحرف ولا مبتدع؛ إلا من هو شاذ لا يؤبه له، ومن اضطهد وأُذل وأُهين.
في هذه الفترة التي هي فترة السلف كان العلماء الأجلاء، كان من بينهم علماء الصحابة الذين حفظوا العلم، وعلماء التابعين، وعلماء تابعي التابعين، هؤلاء من السلف، وكذلك منهم العُبَّاد ونحوهم من رجال ونساء. ولا شك أنَّا إذا اعتقدنا أنهم على الصواب كانت أقوالهم قدوة.